بقلوب يعتصرها الألم، وعيونٍ أغرقتها الدموع، ودعنا الزميل الراكز (أنور ود الحوش)، الذي ترجل عن صهوة الحياة بعد صراعٍ مريرٍ مع مرض السرطان، صراع خاضه بنفس الجسارة التي خاض بها معاركه الطويلة في سبيل الحرية والعدالة الاجتماعية ، وتحقيق الدولة المدنية التي حلم بها وعمل لها كما حزبه الشيوعي ، كان الراحل (ود الحوش) من الذين وهبوا حياتهم كاملة لقضية الإنسان، عرفته السجون والمعتقلات، كما عرفته الشوارع والمظاهرات والمنابر، لم يضعف، لم يساوم، ولم يتنازل حمل راية الحزب الشيوعي منذ شبابه الأول، وسار بها متحدياً القمع، والإعتقال، والتعذيب، وعقوداً من الإقصاء، كان وجهه مألوفة خلف قضبان الزنازين، ورفيقه الدائم كان حلمه بوطن لا يظلم فيه أحد، أو كتاباً أو قصيدة لشاعر الشعب الراحل محجوب شريف أو قصيدة للراحل محمد الحسن سالم حميد ، قاوم المرض كما قاوم الطغيان — بصبر المحارب الذي لا يخشى النهاية، وبقلب المؤمن بوطنٍ حرٍّ يسع الجميع، رحل رفيقنا في صمت حزين، لكنه ترك صوته في كل زاوية من زوايا الحزب، في أرشيف صور المظاهرات، في ذاكرة الرفاق، وفي جدران الزنازين التي صمدت معه، ودعناه إلى مثواه الأخير كما ودعنا كثيراً من رفاق دربه، ونعاه الوطن الذي أحبَّه ولم يخذله في معركته الكبرى — معركة الوعي والتنوير من يحرس الحلم ؟
Read More